يعتبر تحديد رواتب الموظفين أمراً صعباً خاصة إذا لم يسبق لك القيام بهذا الأمر من قبل، حيث أنك تجهل من أين تبدأ حتى في عملية تحديد الرواتب. و من جهة، فإنك تحاول دفع أفضل راتب ممكن كي تضمن جذب أفضل الموظفين و الطاقات لشركتك، و من جهة أخرى، فإنك لا تريد أن تبالغ بدفع رواتب خيالية، فما الحل؟

حدد الحد الأعلى للراتب

بداية لا ترتبك، و تذكر بأن هدفك يتركز في جذب المواهب الجيدة و دفع الرواتب العادلة لها، و هناك قاعدة ثابتة يجب أن تعمل بناء عليها، و هي أن لا تدفع أكثر من قيمة الوظيفة بالنسبة لك، حيث أن الراتب في نهاية الأمر يعتبر بمثابة استثمار لك، تتوقع أن تحصل على مقابل منه. لذا ابدأ بتحديد الحد الأعلى للمبلغ الذي تريد دفعه، و أفضل وسيلة لتحديد ذلك هي بأن تسأل نفسك: ما القيمة التي سيضيفها هذا الموظف على شركتي؟ و إجابتك عن هذا السؤال تحدد قيمة الراتب المناسب لهذا الموظف

و تسهل الإجابة عن هذا السؤال بالنسبة لموظفي المبيعات أو تطوير الأعمال، حيث أن هؤلاء الأفراد يجلبون أرباحاً للشركة بشكل مباشر، و بالتالي تستطيع أن تسأل نفسك إذا كانت المبيعات التي يجلبونها للشركة تغطي رواتبهم أم لا، فعلى سبيل المثال إذا كان الموظف يجلب مبيعات للشركة بقيمة ألفي دينار، فلا ضير من منحه راتباً بقيمة ألف و نصف إلى جانب العمولات

إنما كيف تحدد رواتب باقي الموظفين، من أقسام الإدارة و الدعم الفني.. الخ؟ و هم الأفراد الذين لا يجلبون أرباحاً مباشرة للشركة، إنما لا تستطيع العمل دونهم؟ و الجواب أن قيمة هؤلاء الموظفين ليست في المبالغ التي يجلبونها، إنما في المبالغ التي يوفرونها على الشركة، فاسأل نفسك ببساطة ما القيمة التي كنت ستتكلفها في حال عدم وجود هؤلاء الأشخاص في شركتك؟ و حدد رواتبهم بناء على إجابتك

قس على سبيل المثال أهمية أحد المبرمجين في شركتك، و اسأل نفسك عن جهد و تكلفة تنظيم الشبكات، و ما إلى ذلك من أمور كنت ستتكبدها في حال عدم وجود هذا الموظف، ثم اضرب هذا الرقم بعدد الموظفين في شركتك، و عندها ستعرف قيمتهم الحقيقية

و لدى حسابك قيمة الوظيفة الفعلية بالنسبة لك، فقد تجد أنها لا تستحق حجم الراتب الذي تدفعه، إنما إذا كنت تقلل من كفاءة كل موظف يطلب راتباً كبيراً، فهذا يدل على كونك إما تقلل من قيمة الوظيفة، أو بأنك يجب أن تنجزها بنفسك بكل بساطة دونما حاجة لموظفين

اعرف رواتب السوق لتحديد الحد الأدنى

و بعد أن عرفت الحد الأعلى للراتب الذي ستدفعه، تأتي الخطوة التالية، و هي تحديد الحد الأدنى، بناء على معرفة معدلات الرواتب في السوق، إلا أن أرقام السوق لا تكون دقيقة دائماً، فأحياناً يقلل من الراتب الفعلي الذي يستحقه الموظف، و أحياناً يبالغ فيه بشكل كبير. و بكل الأحوال، فإن الموظفين يتوقعون منك دفع رواتب تنسجم مع المعدلات العامة للسوق، إلا إذا كانت شركتك تقدم مزايا و بدائل أخرى كفيلة بجذب الموظفين.

و من وسائل معرفة هذه المعدلات اللجوء للمواقع الإلكترونية المتخصصة، كما أنك تستطيع تبادل الخبرات مع أصحاب الشركات الأخرى، و الاتصال بوكالات التوظيف. و بالنهاية فإنك ستدفع راتباً يمزج بين قيمة الوظيفة بالنسبة لك، و بين متطلبات السوق. و عليك أن تكون دائماً مستعداً لتقديم استثناءات، إذ أنك قد تدفع راتباً أكثر بكثير مما يفرضه السوق لموظف معين تتيقن من تميزه بدرجات كبيرة عن غيره

حدد طريقة الدفع

و بعد أن عرفت قيمة الوظيفة بالنسبة لك، و توقعات الموظفين منك، فعليك تحديد طريقة دفع الراتب. هل ستدفع راتباً شهرياً ثابتاً؟ أم راتباً يتحدد على مدار الساعة؟ و عادة ما تتحدد هذه الأمور حسب الوظائف نفسها

و تعتبر الرواتب الشهرية الثابتة أمراً مفروغاً منه بالنسبة لأصحاب الشركات فيما يتعلق برواتب الموظفين الدائمين، إلا أن الأمر يختلف بالنسبة لمن يعملون بدوام جزئي، أو من هم موظفون مؤقتون، لا سيما عندما تكون طبيعة الوظيفة مرتبطة بالوقت بشكل أساسي. و عليك أن تتواصل مع محاميك لمعرفة الثوابت و الأحكام فيما يتعلق ببعض الوظائف، و كيفية الدفع لها، و حدودها الدنيا

و من طرق الدفع الأخرى الشائعة العمولات، و ذلك بما يتعلق بالوظائف التي تجلب أرباحاً مباشرة للشركة، كموظفي المبيعات، حيث يلجأ أحياناً أصحاب الشركات لتشغيل موظفي المبيعات براتب أساسي منخفض نسبياً، و تتحدد نسبة راتبهم من العمولات بناء على ما يقدمونه من مبيعات و أرباح للشركة

و من الحوافز الإضافية للموظفين إعطاء العلاوات، و عادة ما تمنح العلاوات على المشاريع المتميزة التي تفوق في إنجازها موظف بعينه، أو مكافأة الشركة ككل، إذ يمكن توزيع جزء من أرباح الشركة كعلاوات على كل الموظفين. و تحفز فكرة العلاوات الموظفين و تدفعهم نحو العمل بحماسة لمصلحة الشركة، و ذلك ليقينهم بتأثيرهم الإيجابي عليها، إلا أنك يجب أن تحرص على عدم إعطاء العلاوات بشكل ثابت، كي لا تصبح أمراً متوقعاً من قبل الموظفين و مفروضاً عليك، فالعلاوة تعطى عادة على جهد متفوق استثنائي

أخيراً، كن مرناً

لا بد من قليل من المرونة و تقديم الاستثناءات في عملية دفع الرواتب، خاصة في حال تعيين مدراء الشركة، و أصحاب الوظائف العالية و الخبرات الكبيرة و المتميزة، و من يحظون بمهارة و سمعة عملية رائعة، و يتم تحديد هذه الاستثناءات بناء على رواتبهم السابقة، و متطلبات السوق العام. و لكن إذا أردت فعلاً أن يعملوا معك، فلا بد لك من أن تكون مرناً فيما يتعلق بمتطلباتهم، و بإمكانك عقد اتفاق قصير المدى معهم، يستوفي متطلباتهم، و بنفس الوقت تقيس من خلاله مدى استحقاقهم لهذه الرواتب الكبيرة

و أخيراً، فتذكر أن هناك مزايا و مكافآت أخرى تتعدى المادة بالنسبة للموظفين، كتقديم الجوائز، و منحهم ميزة الساعات المرنة في العمل دون تقيد بساعات محددة، و عدم التقيد بلباس رسمي، و زيادة عدد أيام الإجازات، و تقديم التدريب المحترف للموظفين، حيث تؤثر كل هذه الأمور في زيادة تحفيزهم على العمل بإيجابية و زيادة عطائهم في الشركة